انترنت

“التحديث الاقتصادي”.. الجيل الخامس: تعزيز للبنية التحتية ودعم للتحول الرقمي وزيادة للتنافسية

إبراهيم المبيضين – يتزايد اعتماد الأردنيين يوما بعد يوم على خدمات الإنترنت عالي السرعة مع تحول رقمي تشهده معظم القطاعات الاقتصادية ما يستدعي تقوية البنية التحتية للاتصالات وتطوير شبكاتها الى الجيل الاكثر تطورا من اجيال الاتصالات المتنقلة والمتمثل بالجيل الخامس الذي يبشر بمزايا تقنية واقتصادية كبيرة مع زيادة سرعة الاتصال بالإنترنت توازي جودة وقدرة الفايبر.
واكد خبراء، في أحاديث منفصلة لـ”الغد” أهمية ادخال الخدمة تعزيزا للبنية التحتية في المملكة ولدعم وتطوير عمليات التحول الرقمي في كل القطاعات الاقتصادية، ودعم البيئة الاستثمارية، لتكون خطوة رئيسة في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وتحويل الاردن ليكون مركزا إقليميا لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وقدمت “رؤية التحديث الاقتصادي” لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات 14 مبادرة ومشروعا لتطويره وضمان استدامته ورفع مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي من 3 % في نهاية العام 2021 إلى ما نسبته 13 % بحلول عام 2033، وزيادة التوظيف فيه إلى أكثر من مائة ألف موظف.
كما اقترحت الرؤية إطلاق خدمات تقنية الجيل الخامس، وإنشاء منطقة حرة افتراضية حاضنة للابتكار والريادة، ومركز للشركات الناشئة، كجزء من المبادرات التي يمكن أن يتضمنها قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وقال الخبراء إن توفير الخدمة تجاريا في سوق الاتصالات المحلية، والمتوقع بعد حوالي العام ونصف العام من الان، سيسهم في استيعاب حركة الانترنت المتزايدة في المملكة نتيجة كثافة اعتمادية واستخدام الافراد والقطاعات الاقتصادية التي بدأت رحلة التحول الرقمي، في وقت تظهر فيه التقديرات والارقام الرسمية بان هناك اكثر من عشرة ملايين مستخدم للانترنت وتوقعات بان يستهلك الأردنيون خلال العام الحالي كاملا ما مقداره (4.7 مليار جيجا بايت) من الإنترنت.
ووقعت الحكومة ممثلة بهيئة تنظيم قطاع الاتصالات قبل ثلاثة اسابيع إتفاقات مصالحة مع شركتي (أورانج الأردن، وأمنية للاتصالات) تشمل ترخيصا للجيل الخامس وحزمة من الحوافز للقطاع وحلولا لخلافات سابقة بين الطرفين، وستوقع يوم غد الاثنين الاتفاق مع شركة “زين الاردن” ليكتمل عقد الاتفاق مع كامل القطاع الذي شهد تراجعا حادا في صافي ربحه خلال آخر عشر سنوات تجاوز نسبة الخمسين بالمائة.
وقال وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة إن الاتفاق يعتبر “تاريخيا” للقطاع؛ لأنه يمثل نهاية لأمور وتحديات عالقة في قطاع الاتصالات تراكمت على مدار عقدين من الزمن، مشيرا الى ان محور ترخيص الجيل الخامس يتوافق مع رؤية التحديث الاقتصادي ليكون محورا أساسيا في البنية التحتية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن.
واكد الهناندة ان توفير شبكات الجيل الخامس سيكمل منظومة البنية التحتية للاتصالات في المملكة الى جانب وجود شبكات الجيل الثاني والثالث والرابع وشبكات الالياف الضوئية.
وقال الوزير ان تقنية “الجيل الخامس” ستغدو هي الاتجاه العام السائد في الحياة العامة وعالم المال والاعمال خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث إن هذه الشبكات لا توفر سرعة اتصال وتنزيل بيانات فائقة السرعة فحسب، بل أثبتت انها محرك حقيقي لتطوير اعمال وخدمات كافة الصناعات والقطاعات وزيادة إنتاجية القطاعات الاقتصادية.
ويرى رئيس مجلس مفوضي الهيئة المهندس بسام فاضل السرحان ان أهمية الجيل الخامس تتعاظم كوننا مقبلون على مرحلة جديدة من التحول الرقمي الذي سيطال جميع نواحي الحياة، فالتوجه الحالي يسير نحو تحويل جميع الخدمات المقدمة للمواطنين الى خدمات رقمية والكترونية، بالإضافة الى ضرورة رقمنة الخدمات المالية المستقبلية واهمية تفعيل التوقيع الرقمي والهوية الرقمية اللذين سيعتمدان من البنوك، مضيفاً ان خدمات الجيل الخامس ستتيح إمكانية إيجاد المدن الذكية وانترنت الأشياء وإدارة موارد الدولة وقطاع النقل والتعليم عن بعد والصحة وغيرها من الخدمات.
وأضاف السرحان أن إدخال خدمات الجيل الخامس الى المملكة سيكون له أثر إيجابي في خطة التعافي الاقتصادي بشكل عام، وتشجيع الريادة والابتكار وزيادة فرص التشغيل وبناء الخبرات في مجال الاتصالات والبنى التحتية لكافة المرافق.
وكانت رؤية التحديث دعت لتسريع وتيرة التحول الرقمي الحكومي من خلال إقامة شراكات مع القطاع الخاص، وتحسين حزم الحوافز والمحافظة عليها للاستثمار وتنمية المواهب على نطاق واسع، وإطلاق حملات محلية ودولية لإنشاء الهوية التجارية وتعزيز المكانة.
وأكد رئيس هيئة المديرين في جمعية “إنتاج” أمجد عيد الصويص، بان الانترنت بكل تقنياتها واجهزتها اصبحت اليوم “عصب حياة اقتصادي واجتماعي”، مشيرا الى ان حياتنا الاجتماعية والعملية، والخدمات في قطاعات الصحة والتعليم والطاقة والمالية والزراعة وغيرها من القطاعات، والخدمات الحكومية جميعها تتحول يوما بعد يوم الى الرقمنة التي تتوسع بشكل متسارع ما يتطلب شبكات اتصالات متقدمة وعالية السرعة لاستيعاب حركة الانترنت الكبيرة التي ستتزايد في المرحلة المقبلة، وهو ما يمكن ان تسهم به خدمات الجيل الخامس مستقبلا.
وقال صويص إن إدخال خدمات الجيل الخامس للمملكة تعد خطوة معززة لتنافسية الأردن، ومساهما رئيسيا في التطور التقني، وداعما لبيئة الاستثمار في العديد من المجالات، مؤكدا ان ادخال مثل هذه التقنية سيسهم بشكل مباشر وغير مباشر في توفير فرص عمل جديدة في القطاع التقني او في القطاعات والتطبيقات والشركات التي ستبنى على الانترنت.
وبين صويص أن خدمات الجيل الخامس لن تقتصر على الإنترنت وخدمات الاتصال، لكن سيتعداها للوصول إلى خدمات أكثر شمولية نحو المدن الذكية المتكاملة، في موازاة التطور على مستوى القطاعات خصوصا في البيانات الضخمة والحوسبة السحابية وعلوم الطب والهندسة والنقل وغيرها الكثير.
واوضح أن إدخال هذه الخدمات يعتبر الخطوة الأولى في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي ليكون الأردن مركزا إقليميا لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
واكد أن تقنية الجيل الخامس ستكون إحدى المحاور الرئيسية خلال منتدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذي ينظم في شهر تشرين الثاني المقبل.
والجيل الخامس يتميز عن الجيلين الرابع والثالث بثلاثة محاور أساسية هي: سرعة التنزيل وسرعة الاستجابة والقدرة على تقسيم الشبكة بحسب شرائح وحاجات المستخدمين، فضلا عن القدرة الكبرى على ربط عدد كبير من الأجهزة في وقت واحد.
واكد الرئيس التنفيذي السابق لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات د.غازي الجبور أهمية ادخال الجيل الخامس الى سوق الاتصالات المحلية كونه يعتبر ” قفزة تكنولوجية كبيرة ” مقارنة بالجيل الرابع حيث سيتيح إمكانية توفير اتصالات الحزم العريضة (Broadband) بجميع استخداماتها العملية لما تملكه هذه التقنية من ميزة رئيسة في أنها تعمل ضمن حزمة ترددية أكبر وأعرض وبالتالي سرعات تنزيل أعلى.
وقال الجبور بأن الجيل الخامس ليس تطورا للأجيال السابقة فقط، بل يعتبر منصة اقتصادية تشكل حجر الأساس لتوفير البنية التحتية اللازمة لكافة القطاعات الأخرى مثل الصحة والتعليم والصناعة والتجارة وغيرها.
وعن خصائص الجيل الخامس بين الجبور انه يوفر إمكانية التنزيل والتحميل السريعة للملفات وبسعات عالية، وتقسيم الشبكة حسب الخدمات، وإعطاء بعض الخدمات أولوية استخدام إمكانيات الشبكة، وسرعة الاستجابة للسيطرة مثال ذلك عند التحكم بالسيارات ذاتية القيادة (Autonomous Vehicles) وخطوط الإنتاج المؤتمتة في المصانع (Production lines Automation) وقد قامت دول الجوار في البدء بتركيب نظام الجيل الخامس حيث دلت الإحصائيات على التركز في استخدام هذا النظام بخدمات التحميل والتنزيل للملفات والألعاب الإلكترونية.
وأكد الاستشاري في مضمار الذكاء الاصطناعي المهندس هاني البطش ان تقنية الجيل الخامس للاتصالات تدعم أهداف الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي من خلال توفير اتصال موثوق به وعالي السعة وزمن انتقال منخفض واتصال واسع النطاق للمستهلكين والصناعات.
وقال: “هناك موجة من التحول الرقمي تجتاح الصناعة حيث أنشأت البنية التحتية الرقمية القائمة على شبكات الجيل الخامس والحوسبة السحابية والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني قاعدة صلبة لتطوير الاقتصاد الرقمي”، مشيرا الى ان تقنية الجيل الخامس للاتصالات تعمل على تسريع التحول الرقمي وتقديم فوائد ملموسة للشركات والمؤسسات.
واكد ان انتشار الانترنت وبالسرعات العالية سيمكن المزيد من المجتمعات من الاتصال بالإنترنت عبر اتصالات فائقة السرعة وموثوقة، ما يجعل التطبيب عن بُعد والتعليم عن بُعد أقرب ويساعدهم على العمل بشكل أكثر ذكاءً. الى جانب تمكين المشغلين من تقديم خدمات جديدة ومحسنة للمستهلكين، والتعامل بكفاءة مع حركة البيانات المتزايدة.
الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي رامي شاهين اكد ان ترخيص الخدمة والتوجه والعمل على ادخالها تجاريا في المرحلة المقبلة سيساعد على دعم خطط ورؤى الاردن نحو الرقمنة وبناء منظومة جديدة من مصادر الدخل على مستوى القطاعات المختلفة وتقليل المصاريف وزيادة الفعالية والإنتاج.
ويرى شاهين ان الفوائد المتوقعة لإدخال خدمات الجيل الخامس تتنوع بين التأثير الاستراتيجي والتأثير التكتيكي والتأثير على العمليات لتحقيق اهداف متنوعة تشمل بناء ميزة تنافسية للقطاعات المختلفة، وتميز العمليات القطاعية، وزيادة نسبة النمو والابتكار بالقطاعات المختلفة عن طريق تفعيل وتسريع القوة التكاملية للذكاء الاصطناعي وأدوات ادارة المستقبل، وتسريع عملية التحول الذكي وتحقيق ما يسمى بالتحول المتسارع، وتحسين جودة الخدمات الذكية والعديد من الفوائد الاخرى.
وقال: “المهم بوجود تقنية الجيل الخامس ليس دعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي وأدوات ادارة المستقبل فقط بل انها تساعد على تحقيق الميزة التفضيلية القطاعية والواجب قياسها بشكل دوري”.
وسبق الأردن العديد من دول المنطقة وخصوصا في الخليج في ترخيص وإدخال خدمات الجيل الخامس تجاريا، حيث تظهر بيانات حديثة للرابطة الدولية لمشغلي الهواتف المتنقلة “الجي اس ام اييه” أنه مع نهاية العام 2021 كان هناك 20 شبكة اتصالات من الجيل الخامس تتواجد في 9 دول في منطقة الشرق الأوسط.
وتوقّعت الرابطة أن تتوسع قاعدة اشتراكات خدمات الجيل الخامس في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا لتسجل 42 مليون اشتراك بحلول العام 2025.
وعلى المستوى العالمي توقعت الرابطة أن تتجاوز اشتراكات خدمات الجيل الخامس المليار اشتراك في جميع أرجاء العالم خلال العام الحالي.
وعن أبرز الدراسات والإحصاءات التي تتوقع انتشارا كبيرا للجيل الخامس المرحلة المقبلة وأثره الاقتصادي، قال الخبير في مجال التقنية والإتصالات وصفي الصفدي ان دراسة عالمية لمؤسسة ” اي دي سي” توقعت ان يصل عدد الأجهزة التي سيتم شحنها خلال العام 2022 إلى نحو 1.32 مليار جهاز ذكي ، نسبة ما يدعم الجيل الخامس منها تصل الى 53 % من حجم السوق اي حوالي 700 مليون جهاز.
وقال ان الدراسات تقدر بان عدد اشتراكات الجيل الخامس المفعلة سترتفع الى ملياري اشتراك في عام 2025.
وبين ان دراسة حديثة قامت بها شركة PWC للتأثير الاقتصادي لخدمات الجيل الخامس على الناتج المحلي للدول، توقعت ان يصل الى 1.3 تريليون دولار بحلول عام 2030، وبان هذا النمو يتشكل من عدة قطاعات أهمها: القطاع الصحي عندما يتبنى الجيل الخامس ويقدم خدمات تقنية تدور حول اقامة اقصر في المرافق الصحية، انسيابية العلاقة والتفاعل ما بين الدكتور والمريض، استخدام الطائرات بدون طيار/درونز لعمليات نقل المعدات الطبية والعلاجات، العلاج عن بعد، وقطاع المرافق الذكية، والزراعة الذكية.
واشار الى ان من القطاعات التي ستستفيد من الانترنت عالي السرعة قطاع تطبيقات المستهلكين من تسويق إلكتروني، العاب على الانترنت، مشاهدة المحتوى، صناعة المحتوى، والخدمات المالية التي تشمل تحسين الخدمات المالية المقدمة من البنوك وتطوير الانظمة الامنية ومعالجة بيانات العميل بسرعة فائقة والتفاعل مع تساؤلات العملاء بصورة تسهم في تقديم خدمات واستشارات مالية بصورة غير نمطية وبدقة عالية واعتماد التكنولوجيا للتعرف إلى العميل من خلال الوجه، البصمة دون الحاجة لاستخدام البطاقات على اجهزة الصراف الآلي على سبيل المثال، والصناعات التحويلية الاعتماد بشكل اكبر على الروبوتات في الصناعات التحويلية سيسهم بزيادة كفاءة الانتاج وتحسين الجودة وتقليل نسبة الأخطاء في المنتجات.
وكانت رؤية التحديث عددت الإمكانيات الاستراتيجية وأولويات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وفي مقدمتها تعزيز موقع البلاد ليكون مركزا استثماريا جاذبا للابتكار الرقمي ومنصة انطلاق للحلول الرقمية القابلة للتوسع؛ وتطويره ليصبح مركزا لتقديم الخدمات الممكنة رقميا عالية القيمة، والاستفادة من مجموعات المهارات والبنية التحتية والمنظومة والموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة.

#التحديث #الاقتصادي #الجيل #الخامس #تعزيز #للبنية #التحتية #ودعم #للتحول #الرقمي #وزيادة #للتنافسية # انترنت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى