الدوري السعودي

بغداد بونجاح يقترب من «الدوري السعودي»… والشباب: لم نفاوضه

عُرفت الرياض عاصمة السعودية بهدوء ليلها ورقتها، رغم اكتظاظ الحراك في شوارعها الذي لا يهدأ، فهي قلب نابض بالحياة والحراك، وظلت رائعة الراحل الأمير بدر عبد المحسن حينما كتب «آه ما أرق الرياض تالي الليل» أيقونة لليل العاصمة السعودية وعلامة لتميزه وجماله.

إلا أن الساعات الأولى من فجر يوم الأحد، وتحديداً في «المملكة أرينا» بالحلبة التي شهدت نزال النار، كانت عكس ذلك تماماً، حيث المواجهة الملتهبة بين البريطاني تايسون فيوري، والأوكراني ألكسندر أوسيك، ومشاهير الرياضة والفن يجلسون مطوقين الحلبة في انتظار موقعة تاريخية لا تتكرر كثيراً.

لكمة قاضية وجهها أوسيك لوجه فيوري (أ.ف.ب)

تقدم الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة في السعودية، والمستشار تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للترفيه، وشيهانة العزاز رئيس مجلس إدارة الهيئة الفكرية السعودية، الحضور في «المملكة أرينا»، الذي شهد توافد نجوم الرياضة والفن وعدد من الشخصيات، من بينها إنزيرولو الرئيس التنفيذي لبوابة الدرعية، ونجوم الدوري السعودي، يتقدمهم البرتغالي الشهير كريستيانو رونالدو، والنجم البرازيلي نيمار، والإنجليزي ستيفين جيرارد أيقونة ليفربول الإنجليزي ومدرب الاتفاق الحالي، وكذلك الملاكم البريطاني جوشوا، والمقاتلة السعودية هتان السيف.

بدأ التوافد الجماهيري منذ ساعات مبكرة من عصر يوم السبت لمشاهدة النزالات الجانبية التي تسبق النزال الرئيس والمُرتقب، جماهير سعودية عشقت الملاكمة وباتت تحضر في مدرجاتها بسهولة دون عناء، وأخرى حضرت من أقطاب العالم خصيصاً لهذا النزال الكبير.

وبالنقاط وبفارق ضئيل جداً فاز الملاكم الأوكراني أولكسندر أوسيك على البريطاني تايسون فيوري ليتوج بطلاً للعالم لوزن الثقيل بلا منازع في نزال مثير أقيم في العاصمة السعودية في الساعات الأولى من صباح أمس (الأحد).

واجه أوسيك، الذي بدا ضئيلاً أمام ضخامة منافسه هجوماً في منتصف النزال، لكنه عاد بقوة بعد ذلك ليفقد فيوري توازنه قبل عودته مجدداً للنزال قبل انتهاء العد.

وأصبح أوسيك (37 عاماً) أول ملاكم يحمل جميع الأحزمة والألقاب الأربعة الرئيسية لوزن الثقيل في آن واحد، وأول بطل للعالم بلا منازع منذ نهاية حقبة لينوكس لويس في أبريل (نيسان) 2000.

تفوق أوسيك في الجولات الأولى، قبل أن يستعيد فيوري إيقاعه في الجولة الرابعة، ويقدم بعض الأداء الاستعراضي عندما لاحق أوسيك بتوجيه لكمات قوية إلى جسده، لكن الملاكم الأوكراني قاوم بتوجيه عدد من اللكمات الموجعة للتذكير بمدى قوته.

وتحوّل أوسيك إلى الهجوم في الجولة الثامنة، ولم يكن أحد ليتفاجأ لو كان الحكم أوقف النزال في الجولة التاسعة، بعد أن تسببت لكمات قوية وجّهها الملاكم الأوكراني إلى الرأس في ترنح فيوري.

الفيصل وتركي آل الشيخ ورونالدو في حديث خلال النزال (موسم الرياض)

وتمكن فيوري من الصمود حتى نهاية النزال، لكنه عانى خلال الجولات الثلاث الأخيرة، إذ لاحقه أوسيك ليتفوق عليه بالنقاط.

دقت ساعة البداية، ضربات متبادلة ولحظات تحبس الأنفاس، وابل من اللكمات يقابله تحايا وتصفيق لا يهدأ من المدرجات التي شهدت تزاحماً من الجماهير لحضور النزال التاريخي.

جولة تمضي بعد أخرى، وما زال التكافؤ حاضراً بين اللاعبين، إنه نزال يجسد أهميته وحجمه الكبير «نزال القرن»، كل ضربة تُحسب، وكل تفادٍ يعزز الإثارة، فملامح البطل ترسم بين وابل اللكمات.

الغفلة في تكنيك الملاكمة قد تعنى الخسارة، واللكمة دون دراية لطريقة تفادي لكمة خاطفة قد تكبد الخسارة، إنها لعبة الخفة والقوة التي قال عنها محمد علي كلاي: «طر كالفراشة والسع كالنحلة».

فيوري يتلقى ضربة قاسية يضطر معها طاقمه للتدخل فوراً لوضع اللمسات الحانية أمام شراسة الحلبة لينهض مجدداً ويعود للوقوف على قدميه، هناك نظرات حادة ترسل كلمات يقرأها من يعرف الملاكمة جيداً.

أوسيك يحتفل مع أنصاره بالفوز الكبير (موسم الرياض)

تعود لسعات الملاكمين مجدداً، وتعلو هتافات الحاضرين، تايسون فيوري يندفع بقوة، بينما يُحصن الأوكراني ألكسندر أوسيك نفسه، فتلك هي الملاكمة، لعبة الخفة والقوة والحضور الذهني الكبير.

بعد 12 جولة من التنافس الشديد، يأتي القرار بصوت يضاهي صوت أجراس الحلبة، ألكسندر أوسيك بطلاً موحداً للعالم في الوزن الثقيل بأقوى نزالات القرن الحالي، بعد أن حُسم الفوز بقرار الحكام (حكمان مقابل حكم واحد).

يحتفل أوسيك برفقة أنصاره، ويطوق جسمه بعلم بلاده أوكرانيا، ويمرّ شريط ذكريات إعداده لهذا النزال أمام عينيه لحظة التتويج بالنزال الكبير. إنها كثير من اللحظات العصيبة الصعبة، لكن نتيجتها التربع على العرش العالمي في الوزن الثقيل، إنها قبضة تستحق هذه المكانة.

على هامش هذا النزال الكبير، حظيت المقاتلة السعودية هتان السيف بالتكريم، وقد كانت محطّ الحديث في منصات التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي، عقب انتصارها أمام المصرية ندى فهيم بالضربة القاضية في أحد نزالات الفنون القتالية المختلطة، إذ قام المستشار تركي آل الشيخ، بحضور الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة، بتكريم المقاتلة السعودية.

المقاتلة السعودية هتان السيف حظيت بتكريم من الفيصل وتركي آل الشيخ (موسم الرياض)

أسدل الستار على نزال القرن وموقعة حلبة النار بتتويج الأوكراني ألكسندر أوسيك، لكن الحديث عن هذا الحدث لا يمكن أن يتوقف، فسيظل محط استذكار في نزالات الملاكمة عبر سنين طويلة، وكما تحضر الإثارة قبل النزال بعدة أسابيع، فإن وتيرة التصاريح والمعارك الكلامية ترتفع بعد النهاية لتبلغ ذروتها.

في المؤتمر الصحافي الذي أعقب النزال، قال أوسيك، وعيناه تلمعان بالدموع، إنه لا يفكر حالياً في أي نزال حيث إنه تدرب لهذه المواجهة لمدة 8 أشهر، وأضاع كثيراً من المناسبات العائلية، والآن هو وقت الراحة كما ذكر.

أما الملاكم البريطاني تايسون فيوري فقد كشف أن التعاطف مع أوكرانيا كان السبب وراء منح الحكّام منافسه، ألكسندر أوسيك، فوزاً بالنقاط بفارق ضئيل، في نزالهما على اللقب الموحَّد لوزن الثقيل، في الساعات الأولى من صباح الأحد، في العاصمة السعودية.

ودعا الملاكم البريطاني إلى إقامة مباراة إعادة على الفور.

وبعد استمراره بقوة حتى منتصف النزال، فَقَد فيوري توازنه في الجولة التاسعة، ولم يستعد مطلقاً كامل تألقه، رغم عودته للنزال قبل انتهاء العد في هذه الجولة، بينما منح الحكام الفوز لأوسيك الذي أصبح أول بطل لوزن الثقيل بلا منازع منذ نحو 25 عاماً.

وقال فيوري، في مقابلة بعد النزال داخل الحلبة: «أعتقد أنني فزتُ بالمباراة. أعتقد أنه فاز في قليل من الجولات، لكنني فزت في أغلبها… بلاده في حالة حرب، والناس يتعاطفون مع البلد الذي يخوض حرباً، لكن لا تقعوا في الخطأ؛ لقد فزتُ بهذه المواجهة».

وذكرت «رويترز»، أمس، أنه ربما لا يستمر الملاكم الأوكراني أولكسندر أوسيك بطلاً للعالم لوزن الثقيل بلا منازع سوى لأسابيع قليلة فقط، إذا ما أقدم الاتحاد الدولي للملاكمة كما يتوقع كثيرون على استرداد الحزام الخاص به بسبب وجود بند في العقد ينص على إقامة مباراة إعادة في مواجهة المنافس البريطاني تايسون فيوري.

والمتحدي التالي على قائمة الاتحاد الدولي للملاكمة هو الملاكم الكرواتي الذي لم يهزم فيليب هرجوفيتش، الذي من المقرر أن يواجه البريطاني دانييل دوبوا في أول يونيو (حزيران) المقبل في العاصمة السعودية.

وهذه المواجهة ربما تصبح مباراة على لقب الاتحاد الدولي للملاكمة إذا ما اتّبع الاتحاد الدولي، ومقره الولايات المتحدة، الخطوات السابقة، ومن ثم يرشح الفائز لمواجهة البطل السابق البريطاني أنتوني جوشوا في وقت لاحق من العام الحالي.

وكان الاتحاد الدولي للملاكمة جرّد فيوري من الحزام في ديسمبر (كانون الأول) 2015 بعد 10 أيام من انتزاعه اللقب إلى جانب ألقاب الرابطة العالمية للملاكمة والمنظمة العالمية للملاكمة والمنظمة الدولية للملاكمة من الأوكراني فلاديمير كليتشكو.

وفي هذا الوقت، كان هناك بند ينصّ على تنظيم مباراة إعادة، كما الحال الآن، واتصلت «رويترز» بالاتحاد الدولي للملاكمة للتعليق، لكنها لم تحصل على ردّ فوري.

وبعد مباراة توحيد اللقب في وقت مبكر من أمس (الأحد)، قال أوسيك إنه ملتزم ببند مباراة الإعادة، بينما أوضح فيوري أنه يتوقع المواجهة.

#بغداد #بونجاح #يقترب #من #الدوري #السعودي #والشباب #لم #نفاوضه
مصدر المقال الاصلي من موقع
aawsat.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى