هل تعلم

شيخة الجابري تكتب: عجائب في زمن الغرائب

نشهدُ في وقتنا الراهن تحولات اجتماعية وثقافية وتواصلية شديدة الخطورة، بما تحمل من أفكار وأيديولوجيات وأجندات تقف وراءها منظمات وميليشيات ومندسون ومنحلّون فكرياً وإنسانياً يصيغون المشهد وفق ما يريدون أو ما يُشاء لهم أن يكون ليصبحوا قرابين لجهات لديها ما تود قوله لكن بلسان الآخرين؛ لأنها تحمل من الجُبن والخوف والخنوع ما يجعلها تختبئ تحت الأقبية الفكرية المريضة والمرفوضة. ما يحدث على أرض الواقع ونشهده بوسائل عديدة ومختلفة منها ما هو إعلامي، ومنها ما هو وهمي، ومنها ما هو مدسوس، هو اتجاه لتنفيذ أطروحات مدروسة وممُنهجة في غياب الوعي الجمعي، وحضور المصالح الشخصية والآنية بصرف النظر عن نتائج ما يؤدونه من أدوار فاشلة تثبتها دورة الأيام والتاريخ، وها هي المشاهد تتكرر علينا من شوارع غزّة التي يتعرض شعبها للإبادة، وبنيتها للتدمير نتيجة لتلك الأجندات بأياديها الخفية.
من عجائب هذا الزمان أن الشوارع في بعض دول الخليج العربي ذات اللحمة الواحدة، والتاريخ المشترك، والأواصر الإنسانية الحقيقية والأصيلة، ظهرت فيها أصوات لمتظاهرين مسيّسين لتحقيق أهداف مرسومة لم يستطيعوا تحقيقها في أوقات سابقة كسرت فيها شوكتهم، وضُربت في مقتل؛ لذا أخذوا يلعبون على وتر الدين والقومية والهوية العربية، وهذا ما يحركون به البسطاء من الناس الذين يستطيعون اختراقهم بوساطة من هم على شاكلتهم من المُنتفعين من كل خراب يقع في أي بقعةٍ في العالم.
أحداث غزة كشفت لنا وجوهاً قبيحة كثيرة، بعضهم يعيش بيننا، وآخرون يطلعون علينا من وراء الشاشات ومن حولنا يعيشون في رغد الحياة، ويتظاهرون بأن لديهم وعياً وفهماً ظهر فجأة ليضرب في المسار الخاطئ والطريق الذي لا عودة منه ما لم تتنبّه سلطات بلدانهم إلى أن هذه الأجندات التي تُنفّذ تحت عنوان نُصرة غزة، ما هي إلا بدايات لأحداث كبيرة يبيعون فيها أوطانهم بثمن بخس سيدفعه لهم أولئك الذين فقدوا أجنحتهم فغابوا عن المشهد، وعادوا إليه بصيغٍ جديدة أخطرها ما يتم تنفيذه في بعض الدول الشقيقة من حولنا بذريعة نُصرة غزّة وأهلها الأبرياء مما حاكته لهم «حماس» ومن على شاكلتها من بيّاعي الوهم، ومصّاصي المال، وعديمي الأخلاق والمروءة والرحمة.
هناك فوضى معلوماتية تشهدها وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الزمن الذي وضعوه في ثوب الغريب فاقد الهوية والمكان والزمان، فوضى مثيرة للانتباه، وللاهتمام لا تقابلها أي خطط إعلامية رسمية تضع المتابع في قلب الحدث الحقيقي وليس المؤدلج أو المؤطر بأهداف وغايات لا تحترم حياة الإنسان، ولا مكتسبات الأوطان، لذا «قِفُوهُم فإنّهم مَسْؤولُون».

#شيخة #الجابري #تكتب #عجائب #في #زمن #الغرائب
مصدر المقال الاصلي من موقع
www.aletihad.ae

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى